حوار مع سجادة..!!!
لا شك أن كل ابن آدم ينام ، وكل إنسان يؤوي إلى فراشه ليلاً ، ولكن هل تعرفون كيف نومتي تلك الليلة ؟ !!!!
كنت نائماً في ليلة من ليالي الشتاء الباردة ، من بعد نصب وتعب من مشاغل الدنيا ، ما أكثرها.
وقد استلقيت على فراشي ، وغرقت في نوم عميق جداً
، فاستيقظت قبل الفجر من عطش شديد ألم بي ، فقمت لأشرب الماء فسمعت أنيناً يخرج من
الأرض ، تلفت حولي فذهب الأنين ، ثم ذهبت وشربت الماء ثم فعدن إلى الفراش ، وإذا
بالأنين يعود مرة أخرى ، وفي هذه المرة كان الأنين قوياً وكأنه صوت بكاء ، فتحسست
الأرض بيدي ، حتى أمسكت ( سجادتي ) فسكتت.
قلت متعجباً: أأنت التي تأنين يا سجادتي ؟!
قالت: نعم.
قلت: ولماذا.
قالت: لقد أيقظك عطشك ، وشربت من الماء حتى
ارتويت ، وأنا بحاجة إلى الماء ولا أجد من يرويني الماء !!
قلت: وهل تريدين أن أحضر لك كأساً من الماء ؟
قالت: لا ليس هذا هو الماء الذي يرويني ، إنما
يرويني دموع العابدين التائبين.
قلت: ومن أين لي أن آتي لك بهذا النوع من الماء
؟
قالت: وهذا هو سبب بكائي فقم يا عبدالله وصل لله
ركعتين في ظلمة الليل ؛ حتى تنير لك ظلمة القبر والجزاء من جنس العمل ، ولم يبق من
الوقت غلا القليل وبعها يؤذن المؤذن لصلاة الفجر.
قلت: دعيني وشأني يا سجادتي.
قالت: يا عبدالله قم لصلاة الفجر ، فإنها حياة
للقلب وللروح ، وقد حان موعد الأذان ليردد: ( الصلاة خير من النوم ، الصلاة خير من
النوم ) وأنت تستجيب لنداء الدنيا كل يوم في الليل والنهار. ولا تستجيب لنداء
العزيز القهار ؟!!
قلت متضايقاً: دعيني أنام يا سجادتي .. فأنت
تشاهدينني كل يوم ، لا أعود إلى المنزل إلا وأنا منهك متعب .. ثم أخذ اللحاف ووضعه
على صدره فشعر بالدفء واستسلم لسلطان النوم.
قالت السجادة: يا عبدالله. وهل تعطي للدنيا أكثر
مما تعطيه لدينك ؟
قلت بلهجة تهكمية: أسكتي يا سجادتي. أرجوك لا
تتكلمي.. فإنني متعب ومرهق. أريد أن أنام .
فسكتت السجادة برهة متأثرة بما قال عبدالله
وقالت بصوت حزين:
آه لرجال الفجر !! آه لرجال الفجر !!
ألم تسمع قول النبي صلى الله عليه وسلم: "
لن يلج النار أحد صلى قبل طلوع الشمس وقبل غروبها ـ يعني الفجر والعصر ـ ".
وقال عليه الصلاة والسلام: " من صلى البردين دخل الجنة ". وقال: "
بشروا المشائين في الظلم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة ". وقال
أيضاً: " ليس صلاة أثقل على المنافقين من الفجر والعشاء ولو يعلمون ما فيهما
لأتوهما ولو حبوا ".
فانتبه عبدالله من غفلته وقال: فعلاً إن صلاة
الفجر مهمة.
السجادة: قم يا عبدالله قم.
قال: غداً أبدا إن شاء الله .. ولكن اتركيني
اليوم لأنام فإنني مرهق.
السجادة: وهي متحسرة ( من لم يعرف ثواب الأعمال
ثقلت عليه في جميع الأحوال ) .
ثم قالت: ستنام غداً في قبرك كثيراً يا عبدالله
، وستذكر كلامي ونصحي …
ثم تركته السجادة ، ونام عبدالله ، ولكن ! كانت
أطول نومة ينامها في حياته فقد مات تلك الساعة. فأنشدت السجادة حين علمت بوفاته
قائلة:
يـا من يـــعد غـداً لتـوبـتـــه *** أعلى يقين
من بلوغ غد
المرء في عيشه على أمـــل *** ومنيته الإنسـان
بالـرصد
أيـــــــام عـمـرك كلـهـا عـدد *** ولعل يومك
آخر العدد
لا تتردد اترك تعليقا أو استفسارا أو شاركنا رأيك
Post a Comment