التنكيت على كتاب[ قيد الأوابد من حياة خالد] للعلّامة عبد المجيد حبة العقبي رحمه الله ..04 - اعرف

 

التنكيت على كتاب[ قيد الأوابد من حياة خالد] للعلّامة عبد المجيد حبة العقبي رحمه الله ..04

التنكيت على كتاب[ قيد الأوابد من حياة خالد] للعلّامة عبد المجيد حبة العقبي رحمه الله ..04

التنكيت على كتاب[ قيد الأوابد من حياة خالد] للعلّامة عبد المجيد حبة العقبي رحمه الله ..04

 


* الموضع الثاني :

 

قال المصنف في ضمن المقدمات التي قدم بها لفصل إثبات نبوة خالد بن سنان : " المقدمة الثانية .. أنّ الحكم على حديث ما بالصحة والضعف أو الوضع ، ظني غير قطعي ، فقد يغفل الثقة الضابط وقد يصدق الكذاب ، ومن ثمّ كانت العقائد لا ترتكز إلا على قطعي الدلالة وذلكم ليس إلا للمتواتر ، وإنما تساق بعض الأحاديث في الكلام على العقائد لمجرد الاستئناس ، وهذا ما جعل مثل الشيخ دحلان يقول في أسنى المطالب ما مؤداه : إن قولهم بتقديم ما في الصحيحين على ما رواه غيرهما ليس على إطلاقه ، بل ربما قدم ما ف غيرهما عليهما لمقتض ." اهـ

 

قلت : هذا على هذا الكلام عدّة ملاحظ ..

 

أولا : القولُ بأنّ العقائد لا يُرتكز فيها إلا على قطعي الدلالة ـ المتواتر ـ والمراد به ما أفاد القطع واليقين كالمتواتر ، وخرج بذلك ما أفاد غلبة الظن كخبر الواحد ، وهذا مُجانب للصواب من عدة جهات ..

 

منها أن خبر الواحد يفيد على الصحيح ـ إن شاء الله ـ العلم والقطع ..

 

ومنها أنه على قول الجمهور فإنه يفيد اليقين حال اقترانه بقرائن تفيد العلم ، وفيد غلبة الظن وهي مما يحتج بها في العقائد والأحكام على السواء ..

 

ومنها أنه خلاف ما دلت عليه النصوص في الأخذ بخبر الواحد في العقائد كما وضع البخاري كتاب خبر الواحد في الصحيح ، وجاء في السنة إرسال النبي صلى الله عليه وسلم آحادا بأعظم مسائل الاعتقاد كإرسال معاذ إلى اليمن ، ورُويت أخبار العقائد عن آحاد الرواة ..

 

ومنها أنه مخالف لما حُكي من الاجماع في ذلك كمت حكاه الشافعي في الرسالة حيث قال " ولو جاز لأحد من الناس أن يقول في علم الخاصة: أجمع المسلمون قديما وحديثا على تثبيت خبر الواحد والانتهاء إليه بأنه لم يعلم من فقهاء المسلمين أحد إلا وقد ثبته جاز لي .." وقال ابن عبد البر : " : وكلهم يدين بخبر الواحد العدل في الاعتقادات ويعادي ويوالي عليها ويجعلها شرعاً وديناً في معتقده، على ذلك جميع أهل السنة .."

 

ومنها مخالفته القياس ، وذلك أن لازمه أن لا يعمل بخبر واحد في العبادات ، لأنها مستصحبة للعقائد التي بنيت عليها من كونها أمر الله وفرضه ووحيا من الله ..

 

ثانيا : إنما تساق بعض الأحاديث في الكلام على العقائد لمجرد الاستئناس = الحديث إذا صحَّ كان حُجّة في نفسه وأفاد عقيدةََ يؤخذُ بها في الأخبار ، ويستدل به وفق أشراط الاستدلال في الأحكام ، لما تقدم من جواز الاستدلال بخبر الواحد ، ولست الأحاديث إذ صحّت لمجرد الاستئناس ، وإنما للاحتجاج ومدار الأمر كله على الصناعة الحديثية في التصحيح والتضعيف ، ولا يلزم من اختلاف المحدّثين في التصحيح والتضعيف عدم جواز الأخذ بالخبر في باب الأخبار ، وإنما العدل يقتضي الأخذ به عند من صحّ عنده الخبر وطرحه عند من لم يصح عنده كما في الأحكام ..

 

ثالثا : ما نقله عن الشيخ زيني دحلان في أسنى المطالب فيه نظر ، وأصلُ الكتاب المذكور هو في بيان إيمان أبي طالب عمّ النبي صلى الله عليه وسلم ، قد ذكر السيد محمد رشيد رضا في تقديمه لكتاب صيانة الإنسان من وسوسة الشيخ دحلان قال : قال صاحب كتاب: البراهين القاطعة على ظلام الأنوار الساطعة, المطبوع بالهند: إن شيخ علماء مكة في زماننا - أي دحلان ـ قريب من سنة 1303هـ - قد حكم - أي أفتى - بإيمان أبي طالب, وخالف الأحاديث الصحيحة؛ لأنه أخذ الرشوة الربابي القليلة من الرافضي البغدادي. اهـ والله أعلم بالحقائق .. ولكنَّ الكتاب جارِِ على تمحل مخالفة النص الصريح في الصحيحين بتأويلات من جنس ما نقله عنه المصنف رحمه الله ..

 

فقوله : " إن قولهم بتقديم ما في الصحيحين على ما رواه غيرهما ليس على إطلاقه " نعم هو ليس على إطلاقه في باب الأحكام لوجود المقتضي الذي أشار إليه يمنع من تقديم ما في الصحيحين من إجمال أو عدم إحكام ولوجود مُرجَّح .. أما في باب الخبر الدائر بين التصديق وضده ، فإن تقديم ما في الصحيحن هو المتعين في العقائد كما هو بيّن للمستبصرين ..

 

..يُتبع ..

Neuere Ältere