التنكيت على كتاب[ قيد الأوابد من حياة خالد] للعلّامة عبد المجيد حبة العقبي رحمه الله ..08 - اعرف

 

التنكيت على كتاب[ قيد الأوابد من حياة خالد] للعلّامة عبد المجيد حبة العقبي رحمه الله ..08

 التنكيت على كتاب[ قيد الأوابد من حياة خالد] للعلّامة عبد المجيد حبة العقبي رحمه الله ..08

* الموضع الثامن :

 


قال تحت فصل " إن خالدا لنبي " في الرد على الاحتجاج على عدم نبوة خالد بحديث الصحيحين " أنا أولى الناس بعيسى بن مريم في الدنيا والآخرة وليس بيني وبينه نبي " قال رحمه الله .. إن أراد عليه السلام نفي مطلق نبي فهنا احتمال لم أره لغيري ، وهو أنه يتحدث عما يستقبله من الزمن فهو يشير إلى أن أمته لا تجتمع على ضلالة ، وأن شريعته صالحة لكل زمان ومكان لا تحتاج إلى بعثة نبي آخر بعده إلا ما كان من أمر عيسى عليه السلام ... فالحديث يلفت إلى معنى حديث لا نبي بعدي وهذا سر ذكر الأولى والآخرة ، فلا رسول بينهما في الأولى ولا نبي بينهما في الآخرة .. " اهـ ملخصا .

 

* التنكيت :

 

أجاب المصنف رحمه الله على الاحتجاج بنص الصحيحين أنه ليس بين النبي صلى الله عليه وسلم وعيسى بن مريم نبي ، وهو نصٌ صريح بين الدلالة صريحُها في أنّه في نفي وجود النبوة بينهما ، وكونه نصا لا يحتملُ إلا معناه الظاهرَ ظاهرٌ من جهة اللغة في صريح النفي الذي لا يحمتل غير الخبر الذي جاء فيه لفظ النبي نكرة في سياق نفي أفادَ العموم ، وكونه نصا من جهة اللغة في إرادة الخبر عن عيسى عليه السلام فاستعمل الفعل الماضي المفيد للنفي في الماضي المعلق بالحاضر [ بيني وبينه ] .. وبهذا يتبينُ أن كلامَ المصنف رحمه الله غير متجّه ، وغير صالح للاحتجاج ونقض صريح دلالة الحديث ، وبيان ذلك من وجوه :

 

الوجه الأول : أنّ هذا الكلامَ والفهم ، مما تفرد به المصنف رحمه الله ، وليسَ له إمامٌ فيه من شراح الحديث ، في شروح البخاري ومسلم وغيرهما ، وقد صرّح به بنفسه يرحمه الله ، ولم أقف على من قال بقوله ، والتفرد مضنة الإغراب ، والقول في أمر غيبي بما لا سلف للعالِم فيه مظنة زلل وأمره شديد ..

 

الوجه الثاني : التأويلُ على مراتبه الثلاث صحيح وفاسد وعبث ، وهذا التأويل الذي وقع من المصنف رحمه الله ، لا يرقى إلى التأويل الذي هو تأويل صحيح لافتقاده الدليل الخارجي العاضدَ له ، الذي يصرف صريح الدلالة عن الظاهر إلى المؤوّل ، وما ذكره المصنف من تأويل هو خروج عن الظاهر من غير برهاني يقيني صارف ، وماذكره من شِبه القرينة لا يحتجّ بها لأنها في نفسها تحتاج إلى برهان باعتبارها محض رأي لا يستند إلى نص من الوحي ..

 

الوجه الثالث : سبقَ بيان ضعف أحاديث المرفوعة في إثبات نبوة خالد ، والمصنف يعترف بضعفها ، ولكنه استند إلى تصحيح الحاكم الذي تعقبه الذهبي وغيره ، لذلك لا يصحّ محاولةُ التوفيق والجمع بين الأحاديث الضعيفة وحديث صحيح في أعلى درجات الصحة ، ولا يدخل في باب مختلف الحديث لنتبع فيه طرق الجمع فلنجأ إلى التأويل جمعا بين النصوص ، بل الواجب تقديم ما هو في أعلى درجات الصحة ، و ما هو نص وفق الدلالة الأصولية واللغوية ، وطرح المرويات الضعيفة كما لا يخفى على المتأمل ..

 

الوجه الرابع : القولُ في شأن إثبات النبوة قولٌ في أمر غيبي محض ، لا يصح فيه إثبات النبوة فيه بمحض التأويل ، كما أنه لا يُقبل التأويلُ في الأخبار بحال ما لم تكن هناك دلائل لا مدفع لها ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم ..وليس بيني وبينه نبي .. هو خبر في أمر غيبي لا يصح تأويلهُ قصرا على الخبر المستقبل دون الماضي ، إذ الباب لا يدخله الرأي ومبناه على التوقيف ..

 

الوجه الخامس : اللغة العربية لا تسعف على هذا التأويل ، فإننا لو سلمنا بصحة قول المصنف ، بأنه خبر عن الفترة بعد البعثة إلى الساعة ، فإن اللغة أيضا تقضي بشمول معنى الفترة بين عيسى ومحمد عليهما السلام قبل النبوة ، لأن اللفظ [ بيني وبينه ] يشملهما معا في المعنى ، فلا يصح تخصيص إحدى الفترتين بالمراد ، لعدم وجود القرينة الجازمة به ..

 

يُتبع ..

 

أبو المعالي الظاهري

أحدث أقدم