وأنّ إلى ربك المُنتهى
وأنّ إلى ربك المُنتهى
آيةٌ من سورةِ النجم ، تضيء في القلبِ نجمًا
يسبح في عوالمَ سابحةٍ في فلكٍ يرقى إليه العارفون .
إنّها عوالمُ من الرغبة والرهبة والخوف والرجاء
والمحبة ، إلى ربك فيها المنتهى ، هذه الآية تثيرُ في القلب ما لا ينتهي منه الفكر
جوابا عن سؤالِ العقل والروح معا ، ماذا بعد الآية ؟؟ وما تنجلي عنه هذه الحقيقة
اليقينية الكبرى في قلب عبدٍ حقير ذليل ؟؟
أيرهب لأن المنتهى إلى ربه وهو الجليل شديدُ
العقاب ؟ أم يرغب فيما ينتهي إليه لأنه الكريم ذو الطّول ؟ أم يخاف من هذا المنتهى
لأنه سيقبل عليه بأعمالٍ ناقصة ؟ أم يرجو أن يكون غِبّ المنتهى فيما يحب لأن الله
عفو يحب العفو ؟ أم يحب هذا المنتهى لأن من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه ؟!!
كلّ ذلك جائزٌ وممكن التحقق لتفاوت مقامات
العبودية لله وأزمانها ، ولكلٍّ وجهةٌ هو مولّيها ولكن ..
[ وأنّ إلى ربك المنتهى ] هذا الحصر يحصر الفكر
في هذه الآية ، وفي هذا المنتهى ، وفي هذا الإستغراق الشمولي لكل منتهى !! نعم ،
ينبغي علينا أن نسبح في هذا المنتهى لنعلم أين نحن وكيف غفلنا عن هذه الحقيقة
اليقينية ، وكان أحرى بكل مسلم أن يجعلها موضع الوسط بين العينين ! فلا يزيغ عنها
فيهلك .
إلى الله المنتهى في الخلق والرزق والملك
والتدبير ، فعلى ما تكون الأحزان ؟ وإليه المنتهى في الكمال والعظمة ، فكيف يطيش
بالخلق الميزان ؟ وإليه المنتهى في كل عبودية يعبدها الخلق ، فويل للمشركين به من
كل ما به ظلموا ، وإليه المنتهى في الحكم ، فويل للألى بغير ما قضى به جاروا وحكموا
..
إليه المنتهى في كل شيء ، فمن ذا القادر على أن
يخرج نفسه أو شيئا عن مسمى الشيء ؟! ومن ذا الذي يستطيع أن يكون له خروج عن
السلطان الذي هو لله الملك الأعلى الذي إليه المنتهى !! و من ذا الذي يدعي علما
يريد أن يبلغ به من ذاك المنتهى ما تبلغ به الطير إذا نقرت من ماء البحر !!
فكر كما شئت ، وغص في تفاصيل الحيوات و الدنا
والممات وتفاصيل التفاصيل من كل الصغائر والكبائر ، فلن تمثل بين عينيك إلا [ وأن
إلى ربك المنتهى ] ..
ولتعلَم بعدُ أن مثل هذا لا يقوله إلا الله الذي
لا إله إلا هو .
أبو المعالي الظاهري
لا تتردد اترك تعليقا أو استفسارا أو شاركنا رأيك
إرسال تعليق