التنكيت على خالية الأمير ..03 - اعرف

 

التنكيت على خالية الأمير ..03

 


التنكيت على خالية الأمير ..03

قال الأمير رحمه الله :

 

لها منطقٌ حلو به سحر بابلِِ

 

رخيم الحواشي وهو أمضى من الخالِ

 

التنكيت :

 

- يُشبّه قصيدة صاحبه بأنّ لها منطقا حلوا كأنه حلاوة سحر بابل ، وما زال الشعراء يمدحون تغزّلا حلاوة منطق المرأة ، كقول المجنون في المؤنسة :

 

هي السحـر إلا أن للسحـر رقيةً

 

وإني لا ألفي لها الدهـرُ راقيا

 

وقول جميل في بثينة :

 

ولو أن راقي الموت يرقى جنازتي ...

 

بمنطقها في النّاطقين حييتُ

 

وقول بشار بن برد :

 

كأن رجع حديثها ...

 

قطع الرياض كسين زهرا

 

وكأن تحت لسانها ...

 

هاروت ينفث فيه سحرا

 

وقول البحتري :

 

ولما التقينا واللوى موعد لنا ...

 

تعجب رائي الدر منا ولاقطه

 

فمن لؤلؤٍ تجلوه عند ابتسامتها ...

 

ومن لؤلؤ عند الحديث تساقطه

 

وقول الآخر ـ وأستغفر الله منه ـ :

 

وحديثها كالقطر يسمعه ...

 

راعي سنين تتابعت جدبا

 

فأصاخ يرجو أن يكون حياً ...

 

يقول من فرج أيا ربا

 

وشعر الشعراء في هذا المعنى كثير ، ووصف القصيدة به وصف لها من حيثُ وقعها على النفس كأنها السحر الذي ورثه الناس عن أهل بابل الأقدمين ..

 

- وهو أمضى من الخالِ : الخال في هذا الموضع ، هو البرق ، كما قال المعلّم بطرس في قصيدته الخالية :

 

أومضَ برقٌ من مُحيّا جمالها ..

 

لعينيك أم من ثغرها أومضَ الخالُ ..

 

أي هل أومض البرق من وجهها لعينيك أم من البرق قد أومض من ثغرها ، ومنه أيضا قول ابن هشام اللخمي :

 

تمر كمر الْخَال يرتج ردفها

 

إِلَى منزلٍ بالخال خلوٍ من الخالِ ..أي تمرّ كمرّ البرق يرتجّ ردفها ..

 

والبرق يضرب به المثل في المضاء ، كما يقول امرئ القيس :

 

أصاح ترى برقاً أريك وميضه

 

كلمع اليدين في حبي مكللِ

 

يضيء سناه، أو مصابيح راهب

 

أمال السليط بالذبال المفتلِ

 

وقد يُضرب به المثل في المخادعة ، لهذا تشبّه به النساء في بعض الخداع كما يقول النابغة الجعدي في الخلّب من النساء ممن لا يفين ..

 

ولست بذي مَلَقٍ كاذب .. إلاقٍ كبرق من الخلبِ

 

ويقول الإبراهيمي :

 

إن البروقَ كواذبٌ .. والغيثُ يُظهر صدقَها ..

 

والسحبُ لا تحيي الثرى ..ما لم تتابع ودقها ..

 

ومناسبةُ الخال الذي هو البرقُ في وصف قصيدة صاحب الأمير ، أنَّ الجناس والبديع هو نوع من أنواع الخداع في الألفاظ والمباني والمعاني ، ومنه سمي الشعر العالي بالسحر الحلال ، وهو تصوير لبديعِ القصيد بديع ..

 

..يتبع ..

 

أبو المعالي الظاهري

كتاب التكيت على خالية الأمير كاملا من هنا

أحدث أقدم